تأسّس المتحف الوطني – سلطنة عُمان بموجب مرسوم سلطاني عام 1435هـ/2013م؛ ليصبح المؤسسة الثقافية الرائدة في البلاد، حيث يعرض تراث سلطنة عُمان منذ أولى المستوطنات البشرية وحتى يومنا هذا. يهدف المتحف إلى الحفاظ على التراث الثقافي العُماني والترويج له على المستوييْن المحلّي والدولي؛ مما يجعله حلقة وصل بين الحاضر والماضي، ومؤسسة وطنية ذات بُعد عالمي. يضم المتحف مجموعة من صالات العرض الدائمة التي تستعرض الجوانب المتنوعة من تاريخ سلطنة عُمان وعلاقاتها بالعالم، مع تركيز خاص على التقاليد البحرية العريقة التي لطالما ميَّزت عُمان.

وفي هذا الإطار، يقدِّم المتحف لمحة عن الإنجازات الكبيرة التي حقَّقها البحّارة العُمانيون، ومن بينهم الملّاح الشهير أحمد بن ماجد السعدي، الذي وُلد في جلفار في عُمان في القرن التاسع الهجري/الخامس عشر الميلادي، ويُعدّ أحد أعظم ملّاحي العرب؛ إذ ترك وراءه العديد من الأعمال الشِّعرية التي تشرح فنون الملاحة، بما في ذلك استعمال أداة «الكمال» التي تُمكِّن البحّارة من قياس ارتفاع النجوم. ويتجلّى إرث ابن ماجد في أعمال العلماء الملّاحين العُمانيّين في القرن الرابع عشر الهجري/ العشرين الميلادي، ويأتي في طليعتهم مؤلِّف كتاب «نبهة الغافل في معرفة حسبة المنازل»، وناصر بن علي بن ناصر بن مسعود الخضري، مؤلف كتاب «معدن الأسرار في علم البحار». ويُعتبر العثور في عُمان على مجموعة عملات معدنية من أنحاء العالم دليلاً على ازدهار التجارة التي شهدها المحيط الهندي، وتطوّر فن الملاحة في تسهيل الارتحال وتعزيز التبادل التجاري.

عملات معدنية من كنز سناو

يضم كنز سِناو ما يقرب من ألف عملة فضية، ويمثِّل بوضوح الروابط التجارية الواسعة التي أرسَتْها عُمان بفضل الملاحة والتجارة. اكتُشف الكنز في سِناو، ويضمّ الكثير من العملات المعدنية من فترات مختلفة، بدءاً من عملة ساسانية تعود إلى القرن الأول قبل الهجرة/السادس الميلادي، وعباسية من القرن الثالث الهجري/التاسع الميلادي. سُكَّت هذه العملات في قرطبة وبغداد وسمرقند وحواضِر أخرى. ويعكس هذا الكنز الأنظمة النقدية المختلفة التي التقت عبر المحيط الهندي، واعتمد عليها التجار في حساب مدفوعاتهم.

يُعتقَد أن تاريخ دفن الكنز يعود إلى الفترة بين عامي 92-98هـ/710-717م، ويبدو أن العملات المعدنية أُودعَت في رُزَمٍ على فترات زمنية مختلفة. وإبّان حقبة سبقت ظهور المصارف، لربما كان كنز سِناو يمثِّل احتياطيّاً لرأس المال، بحيث يُستعمَل في معاملات تجارية صغيرة بدلاً من دفع دراهم ذهبية.

يُعتبَر هذا هو الكنز الأول من نوعه الذي يتم توثيقه في عُمان، والثاني فقط الذي يُكتشف في شبه الجزيرة العربية، كما يُعدّ أكبر كنز نقدي عُثر عليه في السلطنة حتى الآن. وقد تُفسَّر الندرة النسبية لاكتشاف كنوز الفضة في شبه الجزيرة العربية بالممارسة الشائعة المتمثِّلة في صَهر العملات الفضية القديمة لاستعمالها في صناعة المجوهرات أو السبائك.