المتحف الوطني للآثار، إسبانيا

يُعدّ المتحف الوطني للآثار في إسبانيا، الذي تمّ تأسيسه عام 1284هــ/1867م، مؤسسة تاريخية رائدة تُعنى بالحفاظ على القطع الأثرية والأعمال الفنية والمعمارية والمقتنيات التاريخية المختلفة، ودراستها وتقديمها للجمهور. منذ انتقاله إلى مقرّه الحالي عام 1312هـ/1895م، خضع المتحف لعملية تجديد شاملة بين عامي 1429 و1435هـ/2008 و2014م؛ لمواكبة متطلّبات العرض المتحفي في العصر الحالي.

تتجاوز مقتنيات المتحف الوطني للآثار المليون قطعة، تمتدّ من عصور ما قبل التاريخ وحتى منتصف القرن الثالث عشر الهجري/التاسع عشر الميلادي. يقع المتحف في قلب المركز الفني والثقافي للمدينة، وتشكِّل زيارته فرصةً لاكتشاف مجموعة فريدة تسلِّط الضوء على التنوع الثقافي للبلاد. ويُبرِز المتحف بشكل خاص تأثير الحضارة الإسلامية في الأندلس على شبه الجزيرة الإيبيرية؛ من خلال مجموعته الواسعة من أعمال الفن الإسلامي التي يعود تاريخها للأندلس.

يُركِّز المتحف من خلال مشاركته في «المدار» على استكشاف الذهب كمادة أساسية ضمن السياق القانوني والثقافي للعالميْن الإسلامي والمسيحي في إسبانيا. لم يكن الذهب مجرد رمز للثروة، بل كان وسيلة هامة للادّخار من أجل المستقبل، وتعبيراً عن القوة والسلطة. وكان التعامل مع الذهب محطَّ تنافس وإشادة وانتقاد، وأثار جدلاً فكريّاً حول التوازن بين الرفاهية المادية والسموّ الأخلاقي. كما كان وزن الذهب ودرجة نقاوته وتحويله إلى عملات وأوزان مسألة في غاية الأهمية، وذات أبعاد قانونية ودينية وسياسية. يسلِّط هذا العرض الضوء على أهمية قياس الذهب في الأندلس، ويعكس دوره في الحياة اليومية، وأبعاده الاجتماعية بالنسبة لمن اقتناه أو عرضه أو تحلّى به.

قطعة من معطف يعود لملابس دفن أمير قشتالة فيليب

يمثِّل معطف أمير قشتالة فيليب استعراضاً للثروة وتجسيداً للتبادل الثقافي بين العالميْن الإسلامي والمسيحي في شبه الجزيرة الإيبيرية. جذب الذهب والسِّلَع الأندلسية الفاخرة اهتمام الممالك المسيحية الإسبانية. وتُعدّ هذه القطعة من معطف الأمير فيليب دليلاً على فخامة المنسوجات الأندلسية في ذلك العصر المصنَّعة من خيوط حريرية وحرير مغزول بذهب (عبر لفّ شرائح مذهبة رفيعة من الجلد الرقيق حول خيط حريري) ويحمل نمطاً متكرّراً لنجمة ثمانيّة.

كان الأمير فيليب، أخاً أصغر لألفونسو العاشر ملك قشتالة وليون. شهد عام 670هـ/1272م تمرّد الأمير فيليب مع مجموعة من الأعيان ضد أخيه، وتحالفه مع محمد الأول، حاكم غرناطة من بني نصر. ويُعتقَد أن القماش المُقصَّب الفاخر في هذا الرداء كان هدية من بلاط بني نصر؛ نظراً لكون تصميم الملابس في الشمال المسيحي كان مختلفاً عن الأزياء التي ارتداها المسلمون. وعادةً ما يتم ارتداء مثل هذا المعطف المعروف في اللغة القشتالية باسم (pellote) فوق قميص أو غِلالة (قميص متوسط الطول)، وكان يتميّز بفتحات جانبية كبيرة تكشف الوَرِكيْن والجذع. كما يشير اسم المعطف باللغة القشتالية إلى بطانته المصنوعة من فرو الأرنب أو السَّمُّور.

سانتا ماريا لا بلانكا، فيلَّا القصر دي سيرغا، بَلنسية، إسبانيا
نُسج على الأرجح في المرية، الأندلس، القرن السابع الهجري/الثالث عشر الميلادي
خيوط حريرية، خيوط حرير مغزولة بذهب، 137 × 38 سم
المتحف الوطني للآثار، 51010