بهاء النص القرآني بالأزرق والذهب
يُعَدّ “المصحف الأزرق” من أشهر المصاحف الشريفة وأكثرها محلّاً للدراسة؛ حيث نُسخ في العالم الإسلامي إبّان العصور الوسطى. تتألّف المخطوطة الأصلية الكاملة من حوالي 600 ورقة، ويبدو أن كتابتها أُنجزت بأقصى درجات العناية وباستعمال مواد فاخرة؛ مما جعلها من أفخم المخطوطات وأغلاها قيمةً في تلك الحقبة. ورغم أن الراعي غير معروف، إلا أنه ينتمي بلا شك لأعلى طبقات المجتمع، حيث تجلّت عظمة كلام الله في هذا المصحف من خلال تناسق الألوان البديع؛ إذ يتألّق النص الذهبي اللامع بخط ممطوط أفقياً وسط خلفية تحمل اللون الأزرق الحبري الداكن. أصبحت هذه المخطوطة، بخطها الأنيق ولونها الفريد، أحد رموز الفن الإسلامي؛ حيث يُحتفَظ بمعظم أوراقها المتبقية في عهدة مجموعات عامة تونسية، بينما تتوزّع بقية الأوراق في مجموعات متفرّقة حول العالم. وتتميّز هاتان الصفحتان المتقابلتان، على وجه الخصوص، بكونهما في حالة حفظ استثنائية.
رغم الشهرة الواسعة لهذا المخطوط، تبقى أصوله المؤكّدة محاطة بالغموض؛ إذ تشير أحدث الأبحاث إلى أنه يعود إلى شمال أفريقيا أو إسبانيا، أواسط القرن الرابع الهجري/العاشر الميلادي. وقد ظهر استعمال الذهب في الكتابة للمرة الأولى في عهد الخليفة الأموي عمر بن عبدالعزيز رحمه الله (حكم بين عامي 98-101هـ/717-720م)، بينما يعود استعمال خلفية مصبوغة باللون الأزرق إلى تأثيرات أقدم. ويعكس هذا التوظيف الإبداعي للألوان في السياق الإسلامي توجُّه الرّعاة نحو إعادة إحياء المعاني الإيمانية السامية في سياق فريد يمزج بين الوسائل الفنية وعمق الرؤية.
بهاء النص القرآني بالأزرق والذهب
صفحتان متقابلتان من القرآن الكريم
من المصحف الأزرق
إسبانيا أو شمال أفريقيا