من الخزينة الملكية

يتكرر في مذكرات الإمبراطور جهانكير (حكم 1014-1037هـ/1605-1627م) ذكر الياقوت والزمرد والألماس ضمن مجموعة الإمبراطورية. حتى أن توماس رو، السفير الإنجليزي في بلاطه، وصف جهانكير بأنه “خزينة العالم” في إشارة إلى ولعه بجمع الأحجار الثمينة، وأنه “يكدّسها كما لو كان يفضّل البناء بها بدلاً من ارتدائها”. لعبت الأحجار الكريمة دوراً محورياً في الحياة الاجتماعية للإمبراطورية، ولم تقتصر أهميتها على كونها ممتلكات مباشرة للإمبراطور وخلفائه، بل كانوا يقدِّموها كهدايا إلى رجال البلاط المفضّلين، كما تصلهم كذلك كهدايا.

تكتسب أحجار الياقوت الرُّمّاني (ويُعرَف أيضاً باسم اللَّعْل أو البَلَخْش)، مثل هذه القطعة، أهمية عائلية واضحة؛ إذ تنتقل من حاكم إلى آخر. وقد نُقش هذا الحجر مرتين بفارق عدة مئات من السنين، الأولى من قبل الإمبراطور المغولي جهانكير، المؤرَّخ عام 1019هـ/1610-1611م، والثانية من قبل النبيل خورشيد جاه (1253-1319هـ/1838-1902م) من حيدرأباد. تُستخرج هذه الأحجار الكريمة من منطقة بدخشان في شمال أفغانستان، وقد وُثّقت ممارسة نقشها بأسماء أصحابها الملكيين منذ أواسط القرن الخامس عشر الميلادي. وبينما كان المغول يميلون إلى قص الألماس إلى وجوه متعددة، فإنهم غالباً ما تزيّنوا بأحجار الياقوت الرمّاني – وأحياناً الزمرُّد – في شكلها الطبيعي؛ مما يُحافظ على وزنها وكتلتها، ويوفر سطحاً كافياً لنقش أسماء السلالات.

رغم أن الزمرد يتوافر بشكل طبيعي في بعض أجزاء جنوب آسيا، إلا أن النماذج الكبيرة وذات الألوان البهية مثل هذه هي على الأرجح مستورَدة من كولومبيا. حظي الزمرد من هذا المصدر برَواجٍ كبير لدى الأباطرة المغول، ولا سيما جهانكير وابنه شاه جاهان (حكم 1037-1068هـ/1628-1658م)، فضلاً عن حكام آخرين في الهند. ومن المحتمل أن تكون هذه الأحجار قد وصلت إلى الهند عبر المستعمرة البرتغالية في غوا، حيث كانت أكبر وأجمل الأحجار تُرسَل بغرض العثور على مشترٍ ملكي قادر ومستعدّ لدفع أسعار أعلى بكثير مما يقدمه المقتنون الأوروبيون.