اكتشف الشيخ ناصر صباح الأحمد الصباح شغفه بالفن أثناء دراسته في القدس خلال ثمانينيات القرن الرابع عشر الهجري/ستينيات القرن العشرين الميلادي. وتزخر اليوم مجموعة المقتنيات التي جمعها مع زوجته، الشيخة حصة صباح السالم الصباح، بأكثر من 30 ألف قطعة تمتدّ على مدى 6 آلاف عام من الإبداع الإنساني. يعكس ثراء المقتنيات تنوّع الفنون الإسلامية ومصادر إلهامها على امتداد طرق التبادل التجاري بين الصين وأفغانستان وآسيا الوسطى وبلاد فارس والهند وشبه الجزيرة العربية وحوض البحر الأبيض المتوسط.
قرّر الشيخ ناصر عام 1403هـ/1983م إتاحة مجموعة المقتنيات هذه للجمهور، فعرضها في متحف الكويت الوطني. بيد أن المتحف تعرّض للتدمير أثناء الغزو العراقي عام 1410هـ/1990م. ومنذ ذلك الحين، استمرّ عرض قطع من هذه المجموعة في مركز الأمريكاني الثقافي في العاصمة الكويت، وأُعيرت بعضها لمؤسسات عالمية مرموقة.
عُرضت مجموعة الصباح ضمن ركن «المقتني» في «المدار» خلال النسخة الافتتاحية من بينالي الفنون الإسلامية عام 1444هـ/2023م 1444م، أما الأعمال المختارة لنسخة عام 1446هـ/2025م فتتمحور حول التصاميم الهندسية؛ إذ يُعَدّ علم الهندسة أحد فروع الرياضيات التي تتناول خصائص النقاط والخطوط والأسطح والأجسام الصلبة. وفي عالم الفنون، تتميَّز الزخارف الهندسية بخطوط وأشكال منتظمة؛ مثل: المثلَّثات والمخمَّسات والمثمَّنات. وتقوم النجمة كعنصر أساسي ناظم لهذه الزخارف؛ لتغدو مركزاً لانسيابية الأنماط التي تتكرّر ببراعة لتغطّي أسطح التحف والجدران والسجاد وسائر الأعمال.
الصفحتان الختاميتان لمخطوطة قرآنية مع زخرفة بنمط نجميّ
نُسخت هذه المخطوطة القرآنية المملوكية الكبيرة ذات المجلَّد الواحد بـ 13 سطراً من خط المحقَّق الأسود الذي كان مفضَّلاً لدى كبار الخطاطين لنسخ المصاحف الضخمة خلال تلك الفترة. وتتوزّع ورود مُذهَّبة بين الآيات، مع زخارف نخيلية مُذهَّبة تشير إلى الآيات الخمسيّة والعشريّة. ويظهر نقشٌ أسفل الصفحة الثانية الخلفية ويمتد إلى الصفحتين الثالثة والرابعة الأماميّتين، يشير إلى وقف المصحف، ويقول: «وقف في سبيل الله يوسف اغا بجامع عبد الباقي پاشا بمدىنه روسحق». كما أُضيفت لاحقاً كتابات في الجزأين الأمامي والخلفي من المصحف، تتضمّن طريقتين مختلفتين لتفسير الأحلام. يتميّز المصحف بزخرفة بديعة على الصفحات الافتتاحية والختامية، حيث تتضمَّن التصميمات لوحتين هندسيتين مستطيلتين من دوائر متداخلة تشكِّل تكويناً من أربع نجوم ثمانية، تحيط بها شرائط ذهبية حول اللوحة المركزية. تظهر أسماء الآيات بخط الثُّلث الأبيض أعلى وأسفل الورقة الختامية (الصفحتان 303 الخلفية و304 الأمامية)، كما تتضمّن آيات قرآنية من سورة الأحزاب (الآية 57) وسورة الصافات (الآيات 180 إلى 182). ويستند النمط النجمي في الزخرفة إلى تداخل النجوم والمضلّعات المحدَّبة؛ ليُضفي جمالاً هندسياً نابعاً من التناظر المحكَم للنقاط الموزَّعة حول الدائرة.
مصر
أواسط القرن الثامن الهجري/الرابع عشر الميلادي (على الأرجح) مع تجليد لاحق، خط المحقَّق والثُّلُث
حبر وألوان مائية كتيمة وذهب على ورق، مغلّفة بجلد بني داكن مزدان برصيعة، 35 × 27 سم
مجموعة الصباح، دار الآثار الإسلامية، الكويت، LNS 282 MS