رداء لأمير سلجوقي
برزت الأقمشة الفاخرة في العالم الإسلامي إبّان العصور الوسطى كأحد أرقى مظاهر الثراء والفخامة، وغالباً ما كانت تُنتَج تحت إشراف مباشر من السلطات الحاكمة. وكانت الأقمشة الحريرية النفيسة وسيلة رفيعة للتعبير عن القوة والنفوذ، وتجسيداً لثروة متنقّلة في المجتمعات ذات الأصول البدوية، مثل السلاجقة، الذين أُنتج هذا الرداء الفاخر في عهدهم. وقد تبنّى السلاجقة تقاليد البلاط العباسي في بغداد، حيث كانت الملابس رمزاً بارزاً للترف والرفعة. يحمل هذا الرداء نقوشاً ملكية؛ مما يجعله نموذجاً بديعاً لفخامة الأزياء الأميرية في تلك الحقبة.
تتجلّى الزخرفة الرئيسية للرداء في أوزّتيْن متقابلتيْن، وهو تصميم يتناغم مع أقمشة حريرية أخرى من الفترة ذاتها، التي زُيّنت بزخارف مثل البط أو الديكة أو الصقور المتقابلة. واستُلهمت هذه الزخارف من الرموز التصويرية التي كانت سائدة في فارس وآسيا الوسطى قبل الإسلام، واستمر تأثيرها في الأقمشة الحريرية التي أُنتجت في ظل حكم المغول في القرون اللاحقة. أما الطابع الإسلامي في هذا النسيج، فيتجلّى في النقوش المحيطة بالأوزّتيْن، حيث تكررت عبارات “عزّ وإقبال و[ا]لد[ولة]”، وعلى شريط أكبر يتوسط الصدر، ظهرت العبارة: “الملك المؤيد المنصور”، وهي ألقاب يُحتمل أن تعود للحاكم الذي أُعدّ هذا الرداء لأجله. وقد تطرّق المؤرخ ابن خلدون في القرن الرابع عشر الميلادي إلى النقوش الظاهرة على الأنسجة مشيراً إلى أن من مظاهر السلطة والسيادة نقش أسماء الحكّام على أطراف الملابس، وهو ما يمثِّل رمزاً للكرامة ومؤشّراً على السيادة.
تُظهر المشاهد التصويرية على الخزف المعاصر أردية مشابهة ذات تصاميم لافتة، يرتديها الحكام وأعوان البلاط، حيث تبرز الطيور الكبيرة في تصميم متكرر كما هو الحال في هذا الرداء. وأكدت الاختبارات الكربونية التي أُجريت على المواد المستخدمة تأريخاً يتراوح بين 410-555هـ/1020-1160م؛ مما يُعزّز التأريخ الفني لهذه القطعة الرائعة والمهمة من الملابس.
رداء
إيران أو آسيا الوسطى، 410-555هـ/1020-1160م
حرير، قطن، فرو
130 × 185 سم
مجموعة آل ثاني، ATC879