منسوجات خضراء وذهبية
شكَّلت المنسوجات عنصراً بالغ الأهمية داخل المسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة على مدى أكثر من 1200 عام؛ إذ لم تقتصر وظيفتها على حفظ الأماكن المقدَّسة من الغبار والأتربة، بل عكست أيضاً روح التعظيم والإجلال، حيث اعتاد المسؤولون إرسال هذه المنسوجات كمظهر للتوقير، ولتعزيز نفوذهم وإبراز مكانتهم الدينية في العالم الإسلامي.
تذكر كتب التاريخ أن الخيزران بنت عطاء (توفيت عام 173هـ/789م)، زوجة الخليفة العباسي المهدي (حكم بين عامي 158-269هـ/775-785م)، كانت أول من كسا جدار الحجرة النبوية الشريفة بالمنسوجات والحرير المشبّك. استمر تقليد إرسال الأكسية عبر السنوات، غير أن سلاطين المماليك هم من سنّوا عادةَ تبديل منسوجات الحجرة النبوية بانتظام. ووسّع العثمانيون هذا التقليد بإرسال الأكسية للقسم الخارجي من المقصورة النبوية، والروضة الشريفة، والمحاريب الأساسية الثلاثة للمسجد النبوي، ومواضع مهمة أخرى؛ مثل: باب المئذنة والمنبر ومقام جبريل عليه السلام وحجرة السيدة
فاطمة رضي الله عنها.
كانت أكسية الحجرة النبوية تبقى في مكانها فترة طويلة، أما المنسوجات الأخرى فلا تُتَّخَذ إلا في أوقات محدَّدة من السنة، خاصة في شهر رجب وبين 20 من ذي القعدة و20 من محرَّم. بينما يُحتفَظ بها في خزائن داخل الحجرة النبوية حين لا
تكون قيد الاستعمال.
وفقاً لأيوب صبري باشا، الذي توفي عام 1308هـ/1890م، كان تبديل الأكسية يتم على يد اثنين من الأغوات المعروفين بصلاحهم وزهدهم، يتولّى أحدهما إزالة الكساء القديم، بينما يقوم الآخر بتثبيت الجديد على جدار الحجرة الشريفة. أما الأكسية القديمة، فكانت تُرسَل إلى إسطنبول أو توزَّع على الحجّاج.
الصفحة المقبلة:
ستارة للمسجد النبوي الشريف
إسطنبول، تركيا
1231هـ/1816م
أوقفها: السلطان محمود الثاني على المسجد النبوي الشريف
حرير، قطن، خيوط معدنية، 291 × 230 سم
مجمع الملك عبدالعزيز للمكتبات الوقفية، المدينة المنورة،
1/4/1/D/T