شمعدان “إيمورفوبولوس”

يُعَدّ هذا الشمعدان تحفة نادرة وفريدة، صُنِعَت من زجاج مزخرَف بالمينا ومطلي بالذهب، وقد صُمِّم خصيصاً لراعٍ من النخبة في العالم العربي خلال العصور الوسطى. وبالنظر إلى طبيعة المواد والأساليب المستخدمة في تصنيعه وطرازه، يتماشى هذا الشمعدان تماماً مع فنون الزجاج المملوكي من القرن الرابع عشر الميلادي. ففي تلك الحقبة، كانت ورش الزجاج المملوكية في مصر، وكذلك في سوريا على وجه التحديد، تُنتج أرقى أنواع الزجاج المزخرف بالمينا والتذهيب على مستوى العالم. ولم تُخصّص هذه القطع للاستهلاك المحلي فحسب، بل أيضاً كهدايا دبلوماسية ثمينة، ولتلبية الطلب المتزايد في أسواق التصدير المزدهرة آنذاك. تحمل النقوش التي تزيّن قاعدة الشمعدان هذه أبياتاً شعرية مقفَّاة تتضمن تمنيات طيبة للمالك؛ مما يدل على أنه صُنع خصيصاً لأحد رعاة البلاط المحلي.

تتجلّى زخارف الشمعدان الذهبية في شكل نخلات وزخارف عربية محاطة بالمينا، مما يجعله يتشابه في زخرفته مع المصابيح التي صُنِعَت لمسجد السلطان حسن الكبير في القاهرة (بُني بين عامي 757-764هـ/1356-1363م). إلا أن ما يُميِّز هذا الشمعدان هو المينا النافر بوضوح على سطح الزجاج، وما زالت بعض آثاره بادية، وكأنها تحاكي الترصيع بالجواهر في مشغولات الفضة والذهب. يستمدّ الشمعدان شكله العام من تصاميم الشمعدانات المعدنية التي كانت شائعة في تلك الحقبة ووصلنا عدد كبير منها، غير أن الشمعدانات الزجاجية تُعَدّ شديدة الندرة، حيث لم يبقَ منها سوى مثال واحد آخر معروف.

يعود أول ذكر منشور للشمعدان إلى عام 1328هـ/1910م، ويُشير إلى أنه عُثر عليه ضمن مجموعة في الصين، كما هو الحال بالنسبة لعملين آخرين من المشغولات الزجاجية المملوكية المزخرفة بالمينا ضمن مجموعة إيمورفوبولوس. شهد القرنان الثامن والتاسع الهجريان/الرابع عشر والخامس عشر الميلاديان تبادلاً ثقافياً وتجارياً نشطاً بين الصين والإمبراطورية المملوكية. ويُعَدّ هذا الشمعدان المذهل، بأصوله الصينية، شاهداً نادراً على ذلك التفاعل الثقافي بين الحضارتين.

شمعدان
سوريا أو مصر، أواسط القرن الثامن الهجري/الرابع عشر الميلادي
زجاج، مينا مُزجَّج، تذهيب
18.2، القُطر: 17.5 سم
مجموعة آل ثاني، ATC256