أحمر استثنائي
كان الجسم الصلب واللون الأبيض الناصع للخزف الصيني مصدر إلهام كبير لصانعي الفخار في العالم الإسلامي منذ القرنين الثاني والثالث الهجريين/القرن التاسع الميلادي. وحوالي عام 885هـ/1480م، نجح خزفيّو إزنيق، البلدة الصغيرة جنوب شرق إسطنبول، في تطوير نوع جديد من الخزف يمتاز بصلابة أكبر وبياض أكثر نقاءً مقارنةً بالطين الفخاري التقليدي الذي استخدموه سابقاً. سرعان ما حاز الخزف الإزنيقي شهرة واسعة في أروقة البلاط، وأصبح يُعتَبر من بين السِّلَع الفاخرة الأكثر طلباً في أوروبا.
على مدار الثمانين عاماً التالية، وبإلهامٍ من التصاميم التي قدّمها فنانو البلاط في إسطنبول، استطاع الخزفيّون تطوير أساليب جديدة للتوصُّل إلى ألوان جذّابة ومتفرّدة. لكن تمثَّل التحدي الأكبر في استخدام اللون الأحمر، الذي كان يصعب التحكم به خلال عملية الحرق، حيث يفقد لونه الزاهي بسهولة أو يؤثّر على طبقة التزجيج. إلا أنه في حوالي منتصف القرن العاشر الهجري/السادس عشر الميلادي، تمكّن الحرفيون من ابتكار لون أحمر قانٍ غير مسبوق، مستخدمين طيناً محلياً غنياً بالحديد يُعرف بـ”الطين الأرمني”، والذي كان يُستخدم كطبقة طين سائل سميكة تحت التزجيج. وعادةً ما كان هذا الأحمر يُستخدَم في مناطق محدودة من العمل، إلا أن هذا الطبق يُعَدُّ استثنائياً، حيث يغطي الطين الأحمر الأرمني كامل خلفيّته.
كانت الأطباق من هذا النوع، التي تُعرَف في الوثائق العثمانية من تلك الفترة باسم “صحن”، تُستخدَم لتقديم الطعام، وظهرت مراراً في المنمنمات العثمانية مع غطاء على شكل قبّة معدنية لحفظ حرارة الطعام. أما الزخارف الزهرية على هذا الطبق، فهي تعكس السمات المميزة للخزف الإزنيقي من أواخر القرن العاشر الهجري/السادس عشر الميلادي، إذ تمزج بين نباتات مستوحاة من التصاميم الصينية وأزهار واقعية مثل القرنفل والزنبق والورود، وتلتفّ حولها أوراق طويلة منحنية متفرِّعة من سيقان رفيعة للغاية. يعكس هذا الطبق قدرة فائقة على التحكّم في نطاق وحدود اللون الأحمر، وبراعة في رسم الأزهار والنباتات على خلفية بديعة.
طبق
إزنيق، تركيا، حوالي 993-998هـ/1585-1590م
عجينة الحجر، طين سائل ملوَّن، زجاج
القُطر: 34.3 سم
مجموعة آل ثاني، ATC662.8