فناناتٌ وراعياتٌ للإبداع

فناناتٌ وراعياتٌ للإبداع

تُسلَّط هذه المخطوطات القرآنية الثلاث الضوءَ على دور الراعيات والخطّّاطات والحِرَفيات في تشكيل الإرث الفني للمسجد النبوي الشريف بالمدينة المنوّرة والمشهد الثقافي في الحجاز. كانت النساء من أنحاء العالم يموِّلْن المساجد والأربطة والمكتبات والمدارس والعديد من الخدمات الأخرى في الحرمين الشريفين، من خلال الأوقاف الخيرية غالباً.

أتمّت الشريفة أمينة عزيزة بنت علي، زوجة أحد الكتاب في ديوان الحكم، نسخََ هذه المخطوطة القرآنية في الأول من شعبان 1278ه/ 12 فبراير 1862 م. وُقِفَت المخطوطة آنذاك للروضة الشريفة، وهذا ما يثبته ختمٌ وقفيّّ من مكتبتها. كانت المخطوطة تضم عدة أوراق صغيرة تشهد على التمرين الصارم الذي خضعت له أمينة عزيزة، فهي تتضمّن تمارين قدّمتها إلى مدرّس الخط من أجل التصحيح.

وُقِفَت مخطوطتان أُخريان من قِبل امرأتين من علية القوم في تركيا ومصر. أوقفت إحداهما روشه خاتون، المتوفاة حوالي عام 1222 ه/ 1807 م، للروضة الشريفة من أجل التلاوة منها. أما المخطوطة الثانية فكانت موقوفة من معتوقة للخديوي إسماعيل باشا( حكم بين عامي 1280 – 1296 ه/ 1863 – 1879 م). وبحسب ملاحظة وقفية بتاريخ 5 محرم 1314 ه/ 16 يونيو 1896 م، كانت المخطوطة مخصَّصة للمسجد الرفاعي بالقاهرة، ويشير ختمٌ وقفيّّ من الروضة الشريفة إلى أنها وُقِفت فيما بعد على المسجد النبوي الشريف.

هناك مخطوطة قرآنية أخرى غير معروضة هنا، وتمثِّل برهاناً على انخراط النساء في نسخ القرآن الكريم في مكة المكرَّمة. وهي مخطوطة غنيّة بزخارف من أسلوب الباروك وتضمّ صوراً لمكة المكرمة والمدينة المنوّرة، نُسخت وزُخرفت على يد امرأتين. وفقاً للتختيم، يرجع تاريخها إلى عام 1259 ه/ 1843 م، وأنجزتها فاطمة بنت عبدالله في مكة المكرمة، أما الزخرفة فقد وضعتها منال كوجك التي يظهر توقيعها في ذيل الصفحة الثانية.

مصحف في مجلّد واحد (سورة الفاتحة: الآية 1/سورة البقرة: الآية 4)
القاهرة (على الأرجح)
النصف الثاني من القرن الثالث عشر الهجري/التاسع عشر الميلادي، خط النسخ
أوقفته: «قلفة» معتوقة الخديوي إسماعيل باشا على مسجد الرفاعي في القاهرة الذي دُفن فيه، ثم أُوقف لاحقاً على المسجد النبوي الشريف
حبر على ورق، أصباغ كتيمة، ذهب، 35 × 21.7 سم  
مجمع الملك عبدالعزيز للمكتبات الوقفية، المدينة المنورة، مكتبة المصحف الشريف، 788