فن الكتابة البديع

كتابة مبدعة

النقش:
“إذ[ا] فتحْتَ دَواةَ العِزِّ والّنِعَمِ
فاجعلْ مِدادَكَ من جُودٍ ومن كَرَمِ” 

يحمل النقش المحفور على هذه المحبرة دعوة من صاحبها إلى الكرم والسخاء؛ مما يجعلها أبهى محبرة وأفضلها حفظاً بين المحابر التي وصلتنا من العالم الإسلامي في العصور الوسطى المتأخرة. يُشار إلى هذه المحبرة بأنها محبرة البلاط الملكي، وترتبط ارتباطاً وثيقاً بمحبرة ومِقلمة مزخرفتيْن بأسلوب مشابه، ويزدانان بنقوش تشير إلى الدولة؛ مما يعكس أهمية الكتابة وسلطة القلم في العالم الإسلامي إبّان القرون الوسطى. تنسجم تفاصيل تصميم هذه المحبرة مع محفظة نحاسية مرصَّعة تحمل طابع بلاط المغول على لوحتها العلوية؛ مما يؤكّد نسبتها إلى ورشة البلاط المغولي مطلع القرن الثامن الهجري/الرابع عشر الميلادي. وتُظهر دراسة حديثة أن الورشة التي أبدعتها كانت في مدينة الموصل، التي اشتهرت بمشاغلها المتخصصة في الأعمال المعدنية الراقية.

تنبض الأشكال المصوّرة على هذه المحبرة بالحيوية، مجسِّدةً حركة فنية متميزة، خاصةً في هذا النوع الفني الذي يتطلّب دقة متناهية وعملاً شاقاً لإتمامه. ويبرز في النقوش فارس يشدّ لجام حصانه ليلتفت نحو فارس آخر قادم من الخلف؛ مما يعكس الدمج الأنيق للتأثيرات الفنية المتنوعة التي ازدهرت في بلاط الإلخانيين المغول في تلك الفترة. كما يظهر فارس متوَّج مشابه، وقد انعطف رأس حصانه، في الشاهنامة الكبرى المغولية (أو “كتاب الملوك”)، حيث يصوَّر البطل إسكندر في معركة مع وحشٍ أسطوريّ. وبينما تبرز العناصر الصينية في الرسوم، يُرجَّح أن تصميم الحصان مستوحًى من الأساليب الفنية الأوروبية التي كانت رائجة في ذلك العصر.

تُعَدُّ هذه المحبرة أقدم نموذج لشكل أصبح شائعاً في القرون اللاحقة في إيران، إذ جاءت بحجم أصغر ووزن أخف مقارنةً بسابقاتها؛ مما جعلها سهلة النقل، فضلاً عن كونها ملائمة للاستعمال على سطح المكتب، في انسجامٍ تامٍّ مع الطبيعة المتنقّلة للبلاط الإلخاني المغولي.

فن الكتابة البديع
محبرة ملكية مع غطائها
الموصل، العراق، 700-730هـ/1300-1330م
نحاس، فضة، ذهب، مطعَّم بتشكيلات سوداء منقوشة، 5.6 × 5.5 سم، قُطر القاعدة: 3.8 سم
مؤسسة الفروسية للفنون، R-2032