يُقدِّم متحف الحمراء في غرناطة ومتحف فيكتوريا وألبرت في لندن، استكشافاً للجماليات الهندسية في عصر بني نصر، ودراستها من قِبل المهندس المعماري البريطاني أوين جونز (1223-1290هـ/1809-1874م)، الذي انكبّ على مخططات الزخارف في قصر الحمراء في محاولة لفهم المبادئ التصميمية التي بُنيت عليها.
تم بناء قصر الحمراء بشكل متدرِّج منذ القرن الخامس الهجري/الحادي عشر الميلادي على أقل تقدير، عندما كان موقعاً لقلعة عسكرية زيرية. وخلال الفترة بين عامي 633-897هـ/1236-1492م، قام بنو نصر بتطويره بشكل واسع النطاق، فشيّدوا حصناً جديداً (القصبة) ومدينة ملكية تضم القصور والمساجد والحدائق وأنظمة الري وورش العمل لتلبية احتياجاتها. محاطاً بجدار محصّن، أصبح قصر الحمراء بمثابة عالم قائم بذاته وموقع للتعبير الفني، تتداخل فيه الأنماط والألوان والنصوص المكتوبة والمنطوقة مع دراسات البصريات والفيزياء والجوانب العاطفية. ويستمر قصر الحمراء إلى يومنا هذا في بعث إحساسٍ بالجمال المذهل.
وصل أوين جونز إلى قصر الحمراء عام 1249هـ/1834م رفقة صديقه المهندس المعماري الفرنسي جول جوري. وأدى انتشار وباء الكوليرا إلى إقامة طويلة استمرت ستة أشهر، عمل خلالها الاثنان على دراسة المبادئ التصميمية التي استندت إليها الزخارف الفريدة لقصر الحمراء، ورسم كل شبر من القصور بأسلوب واقعي ودقيق.
يضم متحف فيكتوريا وألبرت مجموعة مهمة من رسومات أوين جونز، التي شكّلت أساساً لأهم مؤلفاته «مخططات وواجهات ومقاطع وتفاصيل قصر الحمراء» (1842-1845م) و»قواعد الزخرفة» (1856م). ومن خلال إعادة جمع هذه الرسومات الأساسية مع القطع الفنية من قصر الحمراء التي ألهمتها، يحتفي هذا العرض التقديمي بعمل جونز الدقيق ودوره في إلهام مستمر بأسلوب الحمراء بين الفنانين والمهندسين المعماريين.
متحف فيكتوريا وألبرت
يضمّ متحف فيكتوريا وألبرت تحت مظلته مجموعة من المتاحف تُكرّس فضاءاتها لإظهار قوة إبداع الإنسان. يستضيف متحف فيكتوريا وألبرت مجموعة فريدة من المعارض الفنية والفعاليات والتجارب التعليمية والمعارض الرقمية يُقدِّم خلالها مجموعته المكونة من 2.8 مليون قطعة فنية، مع التركيز على دعم الأعمال الجديدة وتعزيز التزامه بالحفاظ على الموروث الفني الإنساني وإعداد البحوث والتشجيع على التصميم المستدام لإلهام الصناع والمبدعين والمبتكرين. يحتضن متحف فيكتوريا وألبرت حالياً مجموعةً فنية استثنائية تضم أكثر من 19 ألف قطعة تم جمعها من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ويعود تاريخها إلى الفترة من بداية العصر الإسلامي إلى العصر الحالي.
وبدعم من مؤسسة بينالي الدرعية، أنشأ متحف فكتوريا وألبرت في لندن عام 1444هـ/2023م «جناح رمضان» السنوي المخصص لاحتفاء المسلمين في جميع أنحاء المملكة المتّحدة بحلول شهر رمضان المبارك. كما استضاف متحف فكتوريا وألبرت عام 1445هـ/2024م النسخة السابعة من «جائزة جميل» الدولية للفن والتصميم المعاصر والتي تدعمها مؤسسة «فن جميل»، وتهدف إلى استكشاف العلاقة بين الممارسات الفنية المعاصرة والتراث الفني في الإسلام، والمساهمة في تعزيز المناقشات واسعة النطاق حول الثقافة الإسلامية في القرن الخامس عشر الهجري/الحادي والعشرين الميلادي.
وانطلاقاً من مكانة «المدار» كمنصة ثقافية فريدة تعمل على تقديم مقتنيات تاريخية تروي فصول الحضارة الإسلامية في أرجاء العالم، يُشارك المتحف في هذه النسخة بمجموعة رسومات لأوين جونز نفَّذها في قصر الحمراء، إلى جانب مشغولات خشبية تعود إلى العصر النصري، ومخطوطة «صور الكواكب الثابتة» للصوفي من القرن الحادي عشر الهجري/السابع عشر الميلادي.
عضادة «ألميزات» (جزء مركزي مسطَّح) من سقف خشبي
شكَّلت عضادة «ألميزات» القسم المركزي المسطَّح من السقف الذي كانت تُثبَّت عليه ألواح مائلة. تحمل إحدى النهايات القصيرة لعضادة «الميزات» شكلاً مسطَّحاً، وهو ما يُشير إلى أنها غير مكتملة أو كانت أطول أصلاً. ويُحتمل أن تكون مأخوذة من كساء لسقف ممر خارجي لأحد المنازل.تُشكِّل العضادة عادةً حوالي ثلث طول وعرض السقف الأصلي؛ مما يشير إلى أنها مأخوذة ربما من سقف مستطيل فوق ردهة أحد المنازل. وعندما تمكّن القيّم الفني لمتحف فيكتوريا وألبرت (والذي أصبح لاحقاً مديراً له) كاسبر بيردون كلارك من الحصول عليها لصالح المتحف عام 1296هـ/1879م، أشارت السجلات إلى أن منشأ السقف هو «منزل ري تشيكو» (بوعبديل) في غرناطة، إسبانيا والذي هُدم مؤخراً. ويعود لقب «إل ري تشيكو» (ويعني الملك الصغير) ولقب (بوعبديل) إلى «أبو عبدالله محمد الثاني عشر» آخر سلاطين بني نصر في غرناطة، الذي استسلم للملوك الكاثوليك (إيزابيل الأولى وفرديناند الخامس) عام 897هـ/1492م.
تشير أحدث الأبحاث إلى أن عضادة «ألميزات» تعود في الواقع إلى منزل آخر من العصر النصري ويقع في حي البيازين في غرناطة المقابل لقلعة قصر الحمراء. كان المنزل يُعرف في القرن الثالث عشر الهجري/التاسع عشر الميلادي باسم «لا كاسا دي لاس مونخاس» (بيت الراهبات)، وهُدم عام 1294هـ/1877م، قبل عامين فقط من استحواذ بيردون كلارك على العضادة، ويقال أنّ عناصر معمارية أخرى من المنزل ما تزال محفوظة في متحف الحمراء، وقد أتاح «المدار» الفرصة لاكتشافها من جديد وحفظها وإعادتها إلى دائرة اهتمام الجمهور والعلماء.
غرناطة، الأندلس، من مطلع إلى أواسط القرن التاسع الهجري/من مطلع إلى أواسط القرن الخامس عشر الميلادي
خشب (ربما صنوبر)، 218 × 97 × 16 سم، الوزن: 85 كغ
متحف فيكتوريا وألبرت، لندن، 8-1880