أُنشئت مؤسسة بروسكيتيني للفن الإسلامي والآسيوي في جنوة عام 1433هـ/2012م كهيئة غير ربحية، مستندةً إلى إرث وإنجازات مؤسّسها أليساندرو بروسكيتيني (1357-1442هـ/1939-2021م)، الذي كان من أبرز الصناعيين في جنوة، وخبيراً مهتماً بالفن ومقتنياً شهيراً. تهدف المؤسسة إلى تحقيق الصالح العام في المجال الثقافي عبر تعزيز المعرفة بالفن الإسلامي والآسيوي، وبالأخص فيما يتعلّق بارتباطهما بالفن الإيطالي والأوروبي، وتنمية فهم أعمق لتداخل الحدود وتمازج الثقافات عبر الزمن. وبوصفها واحدة من أبرز المؤسسات الثقافية الخاصة في إيطاليا المكرسة لفنون الشرق، تُسهم مؤسسة بروسكيتيني بدورٍ هامٍّ في تسليط الضوء على الفن الإسلامي في إيطاليا، مشكّلِةً منبراً للإبداع ومصدراً للتحفيز والدعم للمبادرات المتحفية والأكاديمية على حدٍّ سواء.
تشمل أنشطة المؤسسة الثقافية إقامة معارض محلّية ودولية، ومشاريع ترميم، وأبحاث، وإصدار منشورات، وعقد مؤتمرات، إلى جانب مبادرات تعليمية تُعنى بالفن الإسلامي والآسيوي. ومن مبادرات المؤسسة الأخيرة إقامة ندوة تهدف إلى دراسة الأثواب الأبوستولية المصنوعة من «نسيج الذهب» المحفوظة في سان دومينيكو في بيروجيا، ووضعها ضمن سياقها الفني والتاريخي في منطقة أوراسيا، إضافةً إلى إطلاق «نشرة الفن الشرقي» التي تصدر ضمن كل عدد من النسخة الإيطالية لـ«صحيفة الفن»؛ لتكون نافذةً تُطلّ على الفن الإسلامي والآسيوي.
تركِّز مؤسسة بروسكيتيني في هذه النسخة من «المدار» على عصر ماركو بولو، تزامناً مع الذكرى السبعمائة لوفاة الرحّالة البندقي العظيم؛ إذ تسلِّط الضوء على «طرق الذهب» التي أرستها شبكة المغول، وشكّلت حلقة وصل بين إيطاليا وآسيا، حيث ساهمت هذه الطرق في تبادل المعارف والخرائط، وتبنّي أساليب جديدة، وازدهار التجارة والهدايا الدبلوماسية عبر منطقة أوراسيا الكبرى.
رداء من نسيج الذهب عليه رسوم خيول كبيرة ونقوش
على غرار أسلافهم من الرُّحَّل، كان المغول يقدّرون الذهب لقيمته الجوهرية وما يحمله من دلالة على سيادة الحكم الإمبراطوري، وعظمة الشمس، والزعامة، وإشارةً إلى عراقة نسبهم الذي كانوا من اعتزازهم به يعتبرونه «ذهبيّاً»، فضلاً عن خصائصه الأخرى. ومع بزوغ عهد جنكيز خان، تحوّل المغول إلى مستهلكين وداعمين لنسيج الذهب والحرير، وخاصةً بعد سيطرتهم على مدن آسيا الوسطى والشرق الأوسط بين عامي 615 و652هـ/1219 و1255م، حيث ساد إتقان فنون صناعته. فقد كان يُعتمَد في نسج اللُّحْمة الإضافية على طبقة زخرفية الخيوط الذهبية التي تشكِّل تصميماً يحوِّل القماش إلى قطعة من الذهب الخالص. كانت الخيوط الذهبية تُصنَّع بتقنية دقيقة؛ إذ تُغزَل شرائط مسطحة من مادة حيوانية مذهبة حول خيوط من الحرير أو القطن، بحيث يزيد طول أونصة واحدة من الذهب عن ألف كيلومتر. وكان يُستخدَم هذا الرداء الذهبي عادةً مع سراويل مناسبة لركوب الخيل، فيما تُرفَع الأكمام الطويلة إلى أعلى، باستثناء حال الحاجة لحماية اليدين من البرد.
إيران أو آسيا الوسطى، القرن السابع الهجري/الثالث عشر الميلادي
خيوط حريرية وخيوط حرير مغزولة بالذهب، 133 × 212 سم
مؤسسة بروسكيتيني للفن الإسلامي والآسيوي، T.01.06