يقع متحف الفن الإسلامي في قلب القاهرة التاريخية، ويعود تاريخ تأسيسه إلى عام 1310هـ/1892م، حيث تم إنشاء مبنى داخل صحن جامع الحاكم بأمر الله، أُطلق عليه اسم «المتحف العربي»، وذلك بإشراف لجنة حفظ الآثار العربية. وكانت اللجنة قد استُحدثت تحت إشراف وزارة الأوقاف بأمر من توفيق باشا، خديوي مصر والسودان (حكم بين عامي 1296-1310هـ/1879-1892م)؛ بهدف دراسة وحفظ الآثار الإسلامية والقبطية في مصر. وكان عباس حلمي باشا (حكم بين عامي 1310-1332هـ/1892-1914م)، قد افتتح مقر المتحف الحالي عام 1321هـ/1903م. يُعدّ متحف الفن الإسلامي في القاهرة، من أكبر صروح الفن الإسلامي في العالم؛ إذ يضمّ أكثر من 100 ألف تحفة أثرية، بما في ذلك مجموعة نادرة من المخطوطات الأدبية والتوثيقية والقرآنية، وفنون الخط، وعدد كبير من مقتنيات أخرى مصنوعة من وسائط مختلفة.
تحوَّل المتحف إلى منارة ثقافية وتعليمية في قلب المجتمع المحلّي، حيث يقدِّم العديد من أنشطة التعليم الفني والدورات التدريبية وورش العمل التي تلائم جميع الأعمار، وتتناسب مع مختلف القدرات، بالإضافة إلى تنظيم الجولات المدرسية. كما يركّز المتحف على تعزيز الشعور بالانتماء والحفاظ على الهوية الثقافية. وإلى جانب المشاركة في الحفريات الأثرية، يقوم المتحف بتنظيم معارض في صالاته، كما يشارك بأخرى تقام في مختلف دول العالم الإسلامي وأوروبا وأمريكا الشمالية. وبعد مشاركته في «المدار» في النسخة الافتتاحية من بينالي الفنون الإسلامية بجدة، ينضم متحف الفن الإسلامي إلى النسخة الثانية، بمجموعة أعمال تركّز على التصميم الهندسي كعنصر من عناصر الرياضيات وفن الأرقام.
قديم متجدِّد: فن نحت الحجر في مصر
في عهد الأيوبيين، وبالتحديد في عهد المماليك، ازدهرت صناعة الأسطح الزخرفية المكوَّنة من مجموعة من المواد المركبة، مثل: الحجر والزجاج وعِرق اللؤلؤ والمعادن والأخشاب، وقد اختلفت طريقة صنعها، سواء في الأسلوب أو مصدر إلهام التصميم. على الصعيد المعماري، تم استخدام الحجر المقطَّع لتزيين المباني الدينية وبتكليف من أبرز حكام المماليك وعائلاتهم. ونظراً لكونها تشكِّل توليفات رائعة وملونة؛ استُخدمت تركيبات الحجر المقطَّع المصنوعة من الرخام والجرانيت؛ لتزيين جدران القِبلة وأرضيات قاعات الصلاة على وجه الخصوص. ونظراً لكون هذه التصاميم شديدة التعقيد والتداخُل؛ اضطر المعماريون إلى العمل وفق نماذج توثِّق التصاميم، ومحفوظة على شكل مخطوطة تشبه إلى حد كبير مخطوطة طشقند المعروضة في «المدار» أيضاً، والتي يعود تاريخها إلى القرن العاشر الهجري/السادس عشر الميلادي.
مع توقّف عمليات استخراج أي رخام جديد في مصر منذ أواخر العصور القديمة، فقد تم الحصول على المواد المستخدَمة في صنع التركيبات الحجرية، من عناصر معمارية معاد استخدامها، وخاصة الأعمدة المأخوذة من المباني المصرية والرومانية القديمة، وكذلك من قصر الحاكم الأيوبي «الملك الصالح» في جزيرة الروضة، والذي استخدمه المماليك كـ «مقلع حجارة» تُستخرج منه مواد البناء الفاخرة. أما الرخام الملوَّن فقد تم استيراده، في حين كانت المواد الأخرى متوافرة في مصر حصراً، مثل: الخزف الفيروزي اللون، وهو سيراميك زجاجي من الكوارتز. وتوجد أنماط مماثلة في العناصر المعمارية لمناطق أخرى كالأندلس والمغرب. فعلى سبيل المثال، استُخدم النمط الأزرق والأبيض للبلاط، المعروض هنا والمكوَّن من ثلاثة أشكال فقط (وهي مُعيَّن ومربَّع ومثلَّث)، في قصر الحمراء.
من أعلى إلى أسفل
لوح من الحجر المقطَّع
القاهرة، مصر، حوالي عام 622هـ/1225م
يرجَّح أنه من مسجد السلطان الكامل (اكتمل صنعه حوالي عام 622هـ/1225م)
رخام ملوَّن، حجر سمّاقي، 32 × 29 سم
متحف الفن الإسلامي بالقاهرة، 88
لوح من الحجر المقطَّع
القاهرة، مصر، القرن الثامن الهجري/الرابع عشر الميلادي
رخام وخزف مصري، 30 × 22 سم
متحف الفن الإسلامي، القاهرة، 4597