متحف اللوفر

تعود أولى فصول حكاية متحف اللوفر في باريس إلى المقتنيات الملكية الفرنسية، وعلى وجه الخصوص مقتنيات لويس الثالث عشر ولويس الرابع عشر. شهد عام 1207هـ/1793م افتتاح السلطات الثورية الفرنسية لهذا الصرح كمتحف فني أمام العامة، بحيث يلبّي رغبات الفنانين والجمهور على حدٍّ سواء. أتى تشييد الهرم الزجاجي على يد المعماري آي إم باي عام 1408هـ/1988 لتأمين بوابة موحّدة لدخول الزوار، وتوفير إضاءة طبيعية للطابق الموجود تحت الأرض. ويُركز متحف اللوفر حالياً على تطبيق سياسته الثقافية على المستويين الوطني والدولي من خلال متحف اللوفر لانس، ومركز اللوفر للترميم، ومتحف اللوفر أبوظبي، الذي يُشكِّل ثمرة تعاون غير مسبوق بين فرنسا ودولة الإمارات العربية المتحدة.

انطلقت دائرة الفن الإسلامي عام 1310هـ/1893م كقسم للفن الإسلامي ضمن قسم الأعمال الفنية، ولم تتحوّل إلى دائرة مستقلة إلا عام 1423هـ/2003، وتضمّ مجموعة مكوّنة من حوالي 18 ألف قطعة. تعود معظم هذه المقتنيات إلى المجموعات الملكية الفرنسية والكنوز الكنسية، وتشمل أعمالاً من ثقافات مختلفة ومناطق شاسعة ممتدّة من إسبانيا إلى الهند، وتعود إلى فترة زمنية ممتدّة من القرن الأول الهجري/السابع الميلادي إلى القرن الثالث عشر الهجري/التاسع عشر الميلادي. توسَّعت بشكل كبير مقتنيات المتحف من الفن الإسلامي بين القرنين الثالث عشر والرابع عشر الهجريين/التاسع عشر ومطلع القرن العشرين الميلاديين، وذلك تزامناً مع تحوُّل فرنسا إلى مركز الاهتمام الأوروبي بالثقافات الشرقية، بينما أمست باريس وجهة للمعارض واقتناء أعمال الفن الإسلامي. وشهد عام 1433هـ/2012م افتتاح قاعات جديدة مكرَّسة للفن الإسلامي في فِناء فيسكونتي، تعرض حوالي 3 آلاف عمل. وينضم متحف اللوفر إلى «المدار» بعرض عمل جديد للفنان التايواني شاروي تساي (وُلد في تايبيه عام 1400هـ/1980م) ومستوحى من طبق خزفي يعود تاريخه إلى سمرقند في القرن الرابع الهجري/العاشر الميلادي.

طبق بنقش شعاعي

النقش:
الحِلم أوله مر مذاقته، لكن آخره أحلا من العسل. السلامة

تُثمَّن هذه الأطباق، كسائر القِطَع المماثلة؛ لما تتمتّع به من جمال نقي وبراعة في الصنعة، حتى أن مؤرخ الفن آرثر لين وصفها بأنها تجسّد «جوهر الإسلام الصافي». ويتّسم تصميمها بالبساطة، إذ يتألّف من سطح أبيض ناصع تحيط به رسالة مكتوبة بخط عربي أنيق ورشيق. تعمل النقطة المركزية كمرسى للنظر ووجهة للعين. يحمل النقش نصيحةً عميقة تتناغم مع مفهوم «الأدب»، ويُشيد بالقراءة والكتابة باللغة العربية.

لا تكشف هذه الأواني بسهولة عن مصادر إبداعها أو أهدافها، ولا تحمل تاريخاً ونادراً ما تضمّ توقيعاً، وقليلٌ منها يحتوي على نقوش إهداء. يستحضر تصميم الطبق بزواياه الحادة الأواني الفضية المصنّعة في سمرقند، التي تقع بين منطقتي زرافشان وبانشير الغنيتين بالفضة. كما كانت سمرقند سبّاقة في إنتاج الورق من بين البلاد الإسلامية، وأصبح من أهم صادراتها. ويبرز أيضاً بُعدٌ بصريّ يشير إلى التشابه بين تصميم الطبق وأسلوب الكتابة بالحبر الأسود على ورق أبيض، وهو أمرٌ لا يبدو أنه غاب عن ذهن صُنّاع تلك الأواني ومالكيها. ولعلّ الفخر بالأدب والعلم، إلى جانب ثروات مناجم الفضة وجودة الورق المصدَّر، كانت جميعها عوامل ألهمت إنتاج هذه الأواني البديعة.

سمرقند، أوزبكستان، 360-390هـ/975-1000م
فخار مزجَّج مع زخارف بالطين السائل الأبيض والأسود، 5.3 سم، القُطر 37.6 سم
باريس، متحف اللوفر، قسم فنون الإسلام
هِبَة، كان، ألفونس، AA 96