يُعدّ متحف بيناكي أكبر وأقدم متحف في اليونان ويُدار كمؤسسة تحت رعاية خاصة، إذ تأسّس في أثينا عام 1349هـ/1930م على يد أنطونيس بيناكيس، الذي ينتمي إلى عائلة يونانية مرموقة من مدينة الإسكندرية المصرية. وقد شهد المتحف تطوّراً كبيراً على مرّ العقود؛ إذ تتوزّع مقتنياته المتنوعة في مبانٍ متعدّدة في أثينا وخارجها، بحيث يركِّز كلٌّ منها على جوانب مختلفة من الثقافة اليونانية والعالمية.
يحتوي متحف بيناكي للفن الإسلامي على مجموعة فنية أسسها في الأصل أنطونيس بيناكيس، والتي تم توسيعها لاحقاً عبر هبات أخرى. وتضم هذه المجموعة اليوم حوالي 12 ألف قطعة، تعكس تطوّر الفن الإسلامي من القرن الهجري الأول/السابع الميلادي، إلى القرن الثالث عشر الهجري/التاسع عشر الميلادي. وتُعدّ هذه المجموعة فريدة من نوعها في اليونان التي تتمتّع بموقع استراتيجي يجمع بين الشرق والغرب. وهذا هو المتحف الوحيد في جنوب شرق أوروبا المخصّص للفن الإسلامي؛ مما يجعله مكاناً فريداً لتعزيز الحوار الثقافي. وقد أصبح المتحف، على مدار العقود الثلاثة الماضية، وجهة لإظهار التنوّع الثقافي والديني والترويج له.
بعد التعاون الناجح عام 1444هـ/2023م، ينضم متحف بيناكي للفن الإسلامي مرة ثانية إلى «المدار» للاحتفاء بالتراث الثقافي والإنجازات الفنية للعالم الإسلامي. وقد اختار القيّمون الفنيون هذا العام تسليط الضوء على أهمية الهندسة كعنصر زخرفي رئيس في الفنون الإسلامية، من خلال مجموعة مختارة من القطع التي تُبرِز قدرتها على التعبير عن اللانهاية والإيقاع، واستخدامها في تنظيم المساحات الزخرفية.
قفطان
نجا عدد كبير من المنسوجات الحريرية الرائعة المحبوكة باللامباس (الكمها) التي تعود للعهد العثماني؛ إذ وصلَتْنا على شكل ملابس. وكان الدمج بين اللونين الأحمر والذهبي سمة بارزة لدى رجال البلاط، حيث كان القفطان يشكِّل إحدى الطبقات العديدة التي ارتدوها. وربما كانت أكمام هذا القفطان أضيق في الأصل، أو منفصلة عن الثوب نفسه، وهو ما تكشفه المراحل المتعدّدة من الإصلاح والإضافة. يحمل التصميم المعقَّد والمتناظر للنسيج نمط الرمّان المتموِّج، ويزدان بزخارف من الزنبق والقرنفل. ويشير الزخرف الدائري الأزرق المحاط بحوافَّ لؤلؤية إلى أسلوب قديم يعود إلى نسيج الحرير بأشكال دائرية. تدلّ الإصلاحات العديدة التي أُجريت على هذا القفطان على قيمته الجمالية العالية؛ باعتبارها سلعة فريدة من نوعها. كان لحرير بورصة دورٌ محوري لدى الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية، إذ استُعمل في صنع ملابس المناسبات الدينية والمنسوجات الجدارية والأغطية. ويبدو أن هذا المثال قد أُعيد تصنيعه ليصبح لباساً دينيّاً على شكل رداء ذي أكمام واسعة يرتديه رجال الدين والأعيان في المناسبات الدينية.
نُسج في بورصة (على الأرجح)، تركيا، حوالي 956هـ/1550م
حرير بخيوط حرير مذهبة، 134 × 126 سم
متحف بيناكي، أثينا، 3900