يمثِّل متحف ومكتبة الجمعية الإسبانية الجهة المرجعية في الولايات المتحدة المكرَّسة لفنون وثقافات البلدان والمجتمعات الناطقة بالبرتغالية والإسبانية.
تأسّس المتحف في مدينة نيويورك عام 1322هـ/1904م على يد الباحث والمحسن وجامع الأعمال الفنية الأمريكي آرتشر ميلتون هنتنغتون (1286-1375هـ/1870-1955م)؛ ليعكس شغفه بالفنون والثقافات والتاريخ في إسبانيا وأمريكا اللاتينية على تنوّعها. تشمل مقتنيات المتحف أكثر من نصف مليون قطعة تمتدّ من العصور القديمة إلى العصر الحالي، وتتضمّن لوحات لفنانين كبار، مثل: إل غريكو وفيلاسكيز ورودريغيز خواريز وغويا وكامبيتشي وأرييتا وسورولا وأوروزكو وتابييس، بالإضافة إلى منحوتات لبيدرو دي مينا ولويزا رولدان وكاسبيكارا، ومجموعة مميّزة من أعمال الفن الزخرفي.
كما يقتني المتحف مجموعة استثنائية من أعمال الفن الإسلامي من الأندلس، وأعمال لاحقة تُبرِز استمرار التأثير الإسلامي في تلك المنطقة والمكانة المرموقة التي احتلّها. يضم المتحف أيضاً إحدى كبرى مجموعات المخطوطات والكتب النادرة من نوعها خارج إسبانيا، ويواصل اقتناء المزيد من الأعمال، وتلبية احتياجات المجتمعات المحلّية والعدد المتزايد من السكان من الأصول الإسبانية واللاتينية في الولايات المتحدة.
ينضم المتحف إلى «المدار» بعرض مجموعة من مقتنياته الإسلامية البارزة التي تعود للقرنين الثامن والتاسع الهجريين/الرابع عشر والخامس عشر الميلاديين، ويتجسَّد فيها مبدأ التناظر في الفنون والتصاميم من الأندلس، مثل: تاج عمود من الرخام، وعُنُق إحدى «زهريات الحمراء» الشهيرة التي صُنعت لبلاط بني نصر، ونماذج لمشغولات خزفية لامعة صُنعت في ورش مانيسيس في بلَنسِية على يد فنانين مسلمين لصالح رعاة مسيحيّين.
عُنُق إحدى «زهريات الحمراء»
اقتنى آرتشر هنتنغتون عُنُق إحدى «زهريات الحمراء» في باريس عام 1331هـ/1913م. ولم يتبق سوى عشر من هذه الزهريات الضخمة سليمةً تقريباً، إلى جانب عدة أعناق وأجزاء أخرى معروفة. وتسود قناعةٌ بأن هذا العُنُق يعود إلى أروع تلك الزهريات على الإطلاق، وهي قطعة مَلَكية مميّزة تحمل ثلاثة شعارات نبالة لحكام بني نصر على كل جانب مع النقش المميّز لسلالتهم «ولا غالبَ إلا الله». كانت هذه الزهرية تزيِّن مدخل المقر الملكي في قصر قُمَارِش في الحمراء، ووُصفت بأنها «صُنعت من طين فاخر وعلى غاية من الإبداع والإتقان». ظلّت هذه الزهرية سليمة حتى عام 1175هـ/1762م، حيث وثّقها في رسم جميل بالألوان المائية المعماري الإسباني دييغو سانشيز سارابيا، من أكاديمية سان فرناندو الملكية للفنون الجميلة في مدريد. اضطلع سانشيز سارابيا بمشروع ضخم لتوثيق الآثار الإسلامية المهمة في إسبانيا، ونشرها بالإسبانية عام 1201هـ/1787م تحت عنوان «الآثار العربية في إسبانيا». وتتطابق تماماً تفاصيل عُنُق الزهرية، بما في ذلك العناصر المصبوبة ذات اللون المائل للحمرة والزخارف الهندسية والزهرية والحلقات الدائرية اللامعة، مع تلك التي رسمها سانشيز سارابيا بألوانه المائية. تعرّضت الزهرية لأضرار نتيجة زلزال عام 1206هـ/1792م؛ لتُنقَل أجزاؤها من قصر الحمراء بحلول عام 1250هـ/1834م.
النقش: العافية (مكرّر)
مالَقة، شبه الجزيرة الإيبيرية، حوالي 777-802هـ/1375-1400م
فخّار مطليّ بقصدير مع كوبالت ومادة لامعة، الارتفاع 43 سم، القُطر: 35.5 سم
إعارة من متحف ومكتبة الجمعية الإسبانية، نيويورك (ولاية نيويورك)، E576