مجدٌ وموتٌ إمبراطوريان
أُتيح لصاغة البلاط العثماني أرقى المواد التصنيعية، وأسفر ذلك عن مجموعة نادرة من الخناجر المخصّصة للمناسبات الاحتفالية والمرصّعة بالأحجار الكريمة، ويُعَدّ هذا الخنجر مثالاً بديعاً من بينها. كان بعض هذه الخناجر يُقدَّم كهدايا دبلوماسية للحكّام الأوروبيين المرموقين؛ بهدف إبهارهم وربما إثارة الرهبة في نفوسهم. ويوجد خنجر مماثل لهذا في متحف الفنون التطبيقية في فيينا، ويُعتقَد أنه قُدِّم إلى أحد أباطرة هابسبورغ. زُيِّن مقبض اليشب بالذهب والياقوت، فيما يزدان الغِمد الذهبي بأحجار ياقوتية مماثلة من الجهة الأمامية ونقوش محفورة من الجهة الخلفية. وحتى النصل الفولاذي، نُحِتَ بعناية وزُيِّن برسومات نباتية مذهَّبة. وعلى الرغم من أنه مثال على الحرفية الفنية العالية، إلا أنه كذلك سلاح ماضٍ إن لزم الأمر؛ إذ صُنع النصل من أجود أنواع الحديد.
تشير الجودة البالغة ودقة الصنعة إلى أن الخنجر وغمده هما من إبداع محمد بن عماد على الأرجح، وهو صائغ البلاط الذي خدم السلطانيْن مراد الثالث (حكم بين عامي 981-1003هـ/1574-1595م) وأحمد الأول (حكم بين عامي 1011-1026هـ/1603-1617م). وقد أُسندت إليه مهام تنفيذ بعض أهم الأعمال الرفيعة في ذلك العصر، بما في ذلك تجليد ديوان جمع شِعراً للسلطان مراد الثالث نفسه، وصُنْع مفتاح للكعبة المشرَّفة، وصندوق لحفظ الآثار النبوية الشريفة. ويُعتقَد أيضاً أنه صنع غلافاً للقرآن الكريم، وتاجاً للخزينة الإمبراطورية، وعدة قطع أخرى مميَّزة. كما نُسبَت إليه زخارف على بعض السيوف، منها تزيينات لسيوف يُعتقَد أنها تعود إلى مطلع العصر الإسلامي. وبفضل ما تمتّع به من خبرة وشهرة، كان محمد بن عماد الخيار الطبيعي لصناعة خنجر بهذه الفخامة، فهو تحفة تليق بمقام سلطان.
مجدٌ وموتٌ إمبراطوريان
خنجر مع غمد
تركيا، أواخر القرن العاشر الهجري/السادس عشر الميلادي
فولاذ، يشب، ذهب، نِلّ، ياقوت، ألماس، الطول الإجمالي: 38.5 سم
مؤسسة الفروسية للفنون، R-421