أُنشئ مجمع الملك عبدالعزيز للمكتبات الوقفية بموجب قرار مجلس الوزراء رقم 389 بتاريخ 15 رمضان 1437هــ (20 يونيو 2016م)، ويشرف على المجمع مجلس أمناء برئاسة صاحب السمو الملكي أمير منطقة المدينة المنورة، ويرتبط تنظيمياً برئيس مجلس الوزراء.
يهدف المجمع إلى المحافظة على المكتبات الوقفية وخدمتها وإتاحتها للعامة، وسلك في سبيل تحقيق ذلك مسالك عدّة، منها: نشر الوعي بأهمية المخطوطات والعناية بها، والإسهام في التعريف بالتراث الحضاري العربي والإسلامي، وتطوير منهجية علمية وعملية للمحافظة على المكتبات الوقفية. هذا إلى جانب تعزيز الأبحاث العلمية والدراسات، وبناء قواعد معلومات إلكترونية؛ للإسهام في تقديم الخدمات للأفراد والجهات، مع السعي إلى تعزيز التعاون مع المؤسسات العلمية؛ لدعم جهود الحفاظ على التراث وتطوير الأبحاث.

بَرَز المجمع من بين الكنوز الثقافية والتاريخية التي تحتضنها المدينة المنورة بصفته واحداً من أهم الجهات التي تضمّ مخطوطات نادرة ومقتنيات قيّمة، مع ما يملكه من مكتبات ومجموعات أُوقفت عليه، تزيد على ستين مكتبة وقفيّة؛ إذ تأسّس المجمع بهدف الحفاظ على هذا التراث الثري وتقديمه للأجيال القادمة، حيث يتضمّن الكثير من المخطوطات التي تعود إلى مراحل زمنية مختلفة، وتمثّل تراثاً ثقافياً وعلمياً لا يُقدّر بثمن.
تضمّ مقتنيات مجمع الملك عبدالعزيز للمكتبات الوقفية مئات المصاحف التي ترجع إلى مناطق مختلفة حول العالم الإسلامي. وتُظهِر المصاحف المختارة هنا بعض الأساليب التي تم اعتمادها لإدخال أنظمة الترقيم في نسخ النص القرآني. ويشمل ذلك علامات بصرية لتحديد كل خمس أو عشر آيات، أو تقسيمات تهدف إلى تسهيل قراءة القرآن الكريم وحفظه على أجزاء محددة، مثل الأرباع أو الأثمان، أو تقسيمه على فترات زمنية محددة، كالأسبوع أو الشهر. وفي بعض الحالات، يتم تجميع هذه الأقسام في مجلدات منفصلة، أو يشار إليها بتنميق وتزيين في هوامش المصاحف ذات المجلد الواحد.
أوراق من مخطوطة قرآنية (سورة مريم: الآيات 1-9)
تُمثِّل هذه المخطوطة نموذجاً أصيلاً للمصاحف التي تم إنتاجها في منطقة الساحل الأوسط والغربي من أفريقيا أواخر القرن الثاني عشر والقرن الثالث عشر الهجريين/الثامن عشر والتاسع عشر الميلاديين. تتّسم الكتابة والزخارف في هذا المصحف بالأسلوب المميّز لمنطقة بورنو، المحيطة ببحيرة تشاد، التي كانت مركزاً للعلوم ونسخ المخطوطات في تلك الحقبة. مُيِّزت الآيات الفردية داخل النص بعلامة ثلاثية الأوراق مكوّنة من ثلاث نقاط صفراء، بينما حُدِّدت الآيات الخَمسيّة بزخرفة برتقالية اللون على شكل حرف “هـ” الذي يُمثِّل الرقم 5 في النظام الأبجدي (حِسَاب الجُمَّل). وتُشير الدوائر المزدوجة الملونة إلى الآيات العَشريّة. وفي الهوامش، مُيِّز كل ثُمن حزب بتزويق مربع تتخلّله خطوط عمودية طويلة متوازية من الطرفين وتزيين مثلثيّ من نقاط صفراء على الجانبين العلوي والسفلي. أما الحزب الكامل فيُشار إليه بدائرة ملونة كبيرة. أما بدايات النص والصفحات المزدوجة المتزامنة مع بدايات الأرباع الثاني والثالث والرابع فمُيِّزت بأشكال مستطيلة مزخرَفة بشبكات من نقاط ملوّنة وشرائط وتصاميم شبه هندسية مترابطة بألوان الأحمر القرميدي والأصفر والأخضر والأسود (ظاهرة هنا أيضاً).
منطقة الساحل، على الأرجح شمال نيجيريا، القرن الثالث عشر الهجري/التاسع عشر الميلادي، الخط السوداني
حبر وأصباغ كتيمةعلى ورق، 22.3 × 15.7 سم
مجمع الملك عبدالعزيز للمكتبات الوقفية، المدينة المنورة، رقم 1130