تعكس مجموعة آل ثاني الرؤية العميقة والملهمة لصاحب السمو الشيخ حمد بن عبدالله آل ثاني، والتي تقف وراء التميّز والتنوع الفريديْن لهذه المجموعة الفريدة التي تضمّ أعمالاً استثنائية من العصور القديمة حتى يومنا هذا، وهي موسوعية بتنوّعها؛ إذ تحتضن ثقافات وحضارات متنوعة، بدءاً من سلالة هان الصينية، وأولمك في أمريكا الوسطى، ووصولاً إلى إيران الصفوية، وأسرة رومانوف في روسيا، وحتى سكان جزر المحيط الهادي وشعوب القطب الشمالي؛ مما يجعلها بمثابة احتفاء عالمي بالقوة الخلّاقة للفن عبر التاريخ. وفي ربيع الأول 1443هـ/ نوفمبر 2021م، شهد مبنى «هوتيل دو لا مارين» التاريخي في باريس افتتاح مساحة متحفية بالتعاون مع مؤسّسة مجموعة آل ثاني ومركز الآثار الوطنية الفرنسي المُلحق بوزارة الثقافة الفرنسية. تشمل الأعمال الفنية من العالم الإسلامي ضمن مجموعة آل ثاني: المخطوطات والمنمنمات والمشغولات المعدنية والخزفية والزجاجية والمنسوجات والأحجار الصلبة والمجوهرات والعناصر المعمارية، بحيث تقدِّم هذه النفائس الفنية صورة غنية ومتنوّعة عن الحضارة الإسلامية، بدءاً من الخلافة الأموية ووصولاً إلى إمبراطورية المغول.
تضمّ مجموعة آل ثاني نماذج عدة رائعة لآلات موسيقية، ومن بين الآلات الوترية المعروضة في المدار أقدم آلة طنبور معروفة؛ إذ يعود تاريخها إلى النصف الأول من القرن الثاني عشر الهجري/الثامن عشر الميلادي. لطالما كانت دقّة تحديد درجات الصوت والمقاييس في المفاهيم الموسيقية الإسلامية محطّ احتفاء وتقدير منذ أن دوّنها الفارابي في القرن الرابع الهجري/العاشر الميلادي؛ نظراً لأهمية الأوتار في إحداث فروق دقيقة لامتناهية في النغمات. أما القِيَم الرياضية للمقامات الموسيقية فتجد صدًى لها في الفنون البصرية، بحيث يتم توظيف الدقّة الرياضية في الزخارف التي تزيِّن الآلات، بما فيها الأعمال المختارة من مجموعة آل ثاني والمعروضة في «المدار».
طُنْبُور
يُعدّ الطنبور، تلك الآلة الوترية ذات الزند الطويل والصوت العميق الرنّان، جزءاً لا يتجزّأ من الموسيقى التركية الكلاسيكية، التي تعود جذورها إلى موسيقى إقليمية كانت متأثّرة بالقوالب الفارسية. غير أن هذه الموسيقى بدأت في اكتساب هوية خاصة بها بحلول أواخر القرن الحادي عشر الهجري/السابع عشر الميلادي. وقد تطوّر الطنبور جنباً إلى جنب مع هذا التحوّل الموسيقي؛ ليصبح عنصراً محوريّاً في تشكيل الصوت والأسلوب الخاص بالتقاليد الموسيقية التركية الناشئة.
استمدَّت الموسيقى التركية هذا التطور من نظام المقامات في الموسيقى العربية، حيث يتم تعريف كل مقام بمقياس محدَّد ومجموعة من القواعد التي تحكم تطوّره اللحني. ويشمل المقام مجموعة معيَّنة من النغمات ومحيطاً لحنياً مميَّزاً، غالباً ما يرتبط بدلالات عاطفية أو روحية؛ مما يمنح الموسيقيّين إطاراً للتأليف والارتجال.
يُعدّ هذا الطنبور من مجموعة آل ثاني أقدم مثال معروف من نوعه، ويعود تاريخه إلى أوائل القرن الثاني عشر الهجري/الثامن عشر الميلادي. يمتاز هذا الطنبور ببراعة زخرفته الدقيقة بعِرق اللؤلؤ، حيث تتجلَّى مهارة الحرفي في القَطع الدقيق للصدف وتركيبه في تصاميم معقَّدة متناغمة. ويتكوّن الصندوق النصف كروي للطنبور من 11 ضلعاً من خشب الدلب، والمزيَّن بزخارف نباتية من عِرق اللؤلؤ وصدف السلاحف، تمتدّ على طول الأضلاع الخارجية وصولاً إلى نهاية الصندوق العلوي.
تركيا، 1111-1163هــ/1700-1750م
أخشاب دلب وعرعر وورد وجوز وأبنوس، عاج، عظام، صدف سلحفاة، عِرق اللؤلؤ، قرن جاموس، 139.5 × 30 سم، قُطر الزند: 17.5، قُطر الصندوق: 20.5 سم
مجموعة آل ثاني، ATC648.1