تأسست مكتبات بودليان عام 1011هـ/1602م؛ للمساهمة في دعم جامعة أكسفورد برؤية موحّدة ترنو إلى تقديم خدمة متميزة تعزز جهود الجامعة في ميادين التعليم والتعلُّم والبحث. كما تسعى هذه المكتبات جاهدةً إلى تطوير وإدامة إمكانية الوصول إلى المجموعات الفريدة التي تمتلكها أكسفورد، بما يخدم العلم والمجتمع. تتألف مجموعة مكتبات بودليان من المكتبة الرئيسية للجامعة، وتحمل اسم «مكتبة بودليان»، والتي كانت على مدى 400 عام مكتبة إيداع قانوني، بالإضافة إلى 25 مكتبة أخرى منتشرة في أرجاء أكسفورد، تُشكِّل أكبر شبكة مكتبية أكاديمية في المملكة المتحدة، وواحدة من أضخم الخدمات المكتبية في أوروبا. وتحتضن مكتبات بودليان ما يزيد على 13 مليون مطبوعة، وأكثر من 80 ألف مجلة ودورية إلكترونية، بالإضافة إلى مجموعات نفيسة تتضمّن كتباً ومخطوطات نادرة. ومنذ افتتاح مكتبة بودليان، ضمَّت مقتنياتها نسخة من القرآن الكريم. وقد أولى السير توماس بودلي، مؤسس المكتبة، اهتماماً خاصاً بجمع المخطوطات من مختلف اللغات، بما في ذلك لغات العالم الإسلامي، وحرص على جلب الكتب عبر كل سفينة متجهة إلى بريطانيا من الشرق. وتضمُّ المكتبة اليوم ما يزيد على 5 آلاف مخطوطة عربية وفارسية، بالإضافة إلى مئات المخطوطات باللغة التركية. وتشارك مكتبات بودليان في «المدار» بمقتنيات تسلِّط الضوء على تبادل علوم الرياضيات والهندسة والفلك.

كتاب “أبولونيوس في المخروطات” لأبولونيوس البرغاوي
تُمثِّل هذه المخطوطة القيّمة الترجمة العربية لكتاب عالم الرياضيات والفلك اليوناني من القرن الثالث قبل الميلادي أبولونيوس البرغاوي حول المخروطات، وهو العِلم الذي يتناول دراسة القطوع المخروطية وهندسة الأشكال المنحنية المشتقة من المخاريط. تحتوي المخطوطة على الأجزاء السبعة الأولى، بينما يُعتبر الجزء الثامن مفقوداً بالكامل. وتكتسب هذه النسخة أهميةً استثنائيةً نظراً لقدمها، ولأن الأجزاء من الخامس إلى السابع قد ضاعت من النسخة اليونانية الأصلية، ولم تصلنا إلا من خلال الترجمة العربية، فهي محفوظة في هذه المخطوطة التي تحمل تاريخاً عريقاً، إذ مرّت عبر مكتبات كبرى وتداولتها أيدي أعلام بارزين في تاريخ العلوم. تحتوي المخطوطة على هوامش خطَّها العلّامة نصير الدين الطوسي (توفي عام 673هـ/1274م) الذي يُعتبر أحد أبرز العلماء في تاريخ الإسلام وأول من أدار مرصد مراغة الفلكي. كما يَظهر من خلال ختم على المخطوطة أنها وُقفت على مكتبة في هراة بأفغانستان، برعاية الأمير التيموري أولوغ بيك عام 863هـ/1458م. أصبحت المخطوطة بحلول عام 1060هـ/1650م، جزءاً من مقتنيات المستعرب الهولندي البارز جايكوب غوليوس، خلال القرن الحادي عشر الهجري/ السابع عشر الميلادي. وبعد وفاة غوليوس عام 1078هـ/1667م، اشترى المخطوطة رئيس الأساقفة الإنجليكاني ومحب الكتب الشهير نارسيسوس مارش. وتعدُّ مقتنيات مارش، أكبر مجموعة مقتنيات فردية من المخطوطات العربية تم منحها لمكتبات بودليان. وقد استعان الفلكي إدموند هالي (مكتشِف مُذنَّب هالي) بهذا الكتاب؛ لإصدار نسخته من «المخروطات» عام 1122هـ/1710م، وتمكّن من إعادة صياغة الجزء الثامن المفقود؛ استناداً إلى الأجزاء السابقة. شهدت هذه النسخة من النص القديم تاريخاً حافلاً، كما ترمز في جوهرها إلى بقاء المعرفة وتوارثها وتناقلها والتبحُّر فيها عبر الحضارات.
مراغة، إيران، 462هـ/1070م
الترجمة لهلال بن أبي هلال الحمصي وثابت بن قرة
حبر، ورق، جلد، 45 × 31.5 × 12 سم
مكتبات بودليان، جامعة أكسفورد، MS. Marsh 667، الصفحتان 136ب-137أ