تأسّست مكتبة الفاتيكان الأبوستولية عام 851هـ/1447م، ويعود تاريخ بداياتها إلى مجموعة الكتب التي كان يجمعها الباباوات لانتفاعهم الشخصي. يُظهِر جرد تمّ عام 694هـ/1295م أن المكتبة كانت تحتوي على 443 مخطوطة. ومع عودة البابا والإدارة البابوية إلى روما، بدأت مرحلة جديدة من اقتناء الكتب، تم تسجيلها في جرد تمّ عام 847هـ/1443م. حيث أنشأ البابا نيكولاس الخامس (تبوّأ منصبه بين عامي 850-859هـ/1447-1455م) مكتبة بابوية جديدة تهدف إلى إفادة العلماء والباحثين، وجمع فيها نحو 1300 مخطوطة، من بينها أكثر من 400 مخطوطة يونانية؛ لتصبح فيما بعد مكتبة الفاتيكان.
استمرّت مجموعة المكتبة في التوسّع؛ مما دفع بابا الفرانسيسكان سيكستوس الخامس (993-998هـ/1585-1590م). إلى إنشاء مبانٍ جديدة أكبر، استقرّت فيها المكتبة بمقرّها الحالي. تحتوي مكتبة الفاتيكان الأبوستولية حاليّاً على واحدة من أكبر مجموعات المخطوطات في العالم، تشمل حوالي 90 ألف مخطوطة (باستثناء المقتنيات الأرشيفية)، وتضم 3,500 مخطوطة باللغة العربية، و600 باللغة التركية، وأقل من 200 بالفارسية، إلى جانب مئات من المخطوطات القرآنية، بما في ذلك حوالي مئة مخطوطة منسوخة بالخط الكوفي تعود إلى ما بين القرنين الأول والثالث الهجريين/السابع والتاسع الميلاديين.
تستكشف المكتبة موضوع الأرقام من خلال استعراض مجموعتها من المخطوطات من زوايا مختلفة، إذ تبيِّن الأولى منها انتقال الأرقام والرياضيات الهندية إلى العالم العربي ومن ثَمَّ إلى الغرب، عبر ليوناردو فيبوناتشي (565-647هـ/1170-1250م). وتَعرِض الثانية إعادة حساب نموذج مركزية الأرض البطليموسي للكون في التراث العلمي الإسلامي وظهور نظام مركزية الشمس الكوبرنيكي. أما الثالثة فتَعرِض نسخاً نادرةً ومبكّرةً للقرآن الكريم باللغات اليونانية والعبرية واللاتينية، بينما تُبرِز الرابعة رسم الخرائط كانعكاس للفضول والرغبة في استكشاف العالم.
نور العالم
يُعدًّ هذا العمل الفريد في علم الفلك النظري، الذي كُتب باللغة العربية-اليهودية، من تأليف ابن نحمياس، الذي لم يصلنا الكثير عن سيرته. وقد ألّف كتاب «نور العالم» في القرن الثامن الهجري/الرابع عشر الميلادي، ويتناول فيه آراء مجموعة من علماء الفلك الأندلسيين الذين سبقوه بمئتي عام، مثل: ابن طفيل وابن البطروجي وابن ميمون، الذين انتقدوا تفسيرات بطليموس لحركة الأجرام السماوية واعتبروها متناقضة مع علم الكونيات الأرسطي الذي يرى الكون كأجرام متداخلة. يعتمد «نور العالم» على «كتاب في الهيئة» لابن البطروجي، حيث يرفض فكرة بطليموس عن الأجرام السماوية المنحرفة والأفلاك التدويرية. يمثِّل هذا العمل المحاولة الأخيرة في علم الفلك العربي لدمج التنبؤات الرياضية لبطليموس مع حركة الأجرام السماوية الدوّارة، وربما ساهمت تعقيدات هذا النموذج وسياقه اليهودي في الغموض المحيط به. ومع ذلك، يبدو أنه كان لأفكار ابن نحمياس تأثير على إيطاليا في عصر النهضة، إذ استشهد كوبرنيكوس بابن البطروجي في كل من كتابه «الشرح المختصر» (921هـ/1516م) و«حول دوران الأجرام السماوية» (949هـ/1543م). ويعرض الرسم التوضيحي الموضح تصوّراً نظريّاً لحركة الشمس وفقاً لمقترح ابن نحمياس.
يوسف بن نحمياس (توفي 750هـ/1350م)
يُرجَّح أنها من طليطلة، إسبانيا، حوالي 802هـ/1400م
حبر على ورق، غلاف جلدي، 21.1 × 14.7 × 3.3 سم، أبعاد كل صفحة 20 × 14 سم
مدينة الفاتيكان، مكتبة الفاتيكان الأبوستولية، Vat. Ebr. 392